عودة شخصيات المقاومة.. نهر يتدفق
مهما احتلوا واغتصبوا من أراضٍ، ومهما سفكوا من دماء، ومهما مزقوا من أشلاء، لن يستطيعوا أبدا أن ينالوا من هذه المعجزة الشامخة "إنسان" فلسطين الذي يقدم روحه هدية متواضعة لشعبه وأمته.. ولن ينالوا من هؤلاء الأمهات الباسلات اللواتي ما عدن يبكين شهداءهن.. والعجب كل العجب ممن تزف ابنها وتقبله وهو يحمل حزامه الناسف ويمضي نحو عروسه..
يمكنهم القضاء على الجسد وتمزيقه والتمثيل به، لكن أبدا لن يمسوا القلب بأذى..
وها هي قطرات قليلة من نهر يتدفق:
نايف حواتمة
الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين حركة ثورية مسلحة ، أنطلقت في 22 شباط 1969 ،
انتقدت الجبهة الصراع الصيني - السوفييتي وأكدت استقلالها الفكري والسياسي ، وكانت
الحقوق الفلسطينية بتقرير المصير وبناء دولة فلسطين المستقلة وعودة اللاجئين هي
مواضع انتقاد الجبهة لسياسات الصين والسوفييت في الشرق الاوسط حتى تم اعتراف
البلدين بهذه الحقوق الفلسطينية بعد قرارات المجلس الوطني الفلسطيني ( يونيو /
حزيران 1974 ) ، وقمة الرباط العربية ( تشرين اول / اكتوبر 1974.
1 - التأسيس
تاسست الحركة كفصيل يساري مستقل من فصائل حركة المقاومة الفلسطينية في 22 / 2 /
1969 في سياق الانتكاسات الكبرى التي مني بها المشروع القومي العربي بعد حرب حزيران
/ يونيو 1967 وما كشفته عن مأزق برنامج وعن عمق أزمة الحركة القومية بمختلف
تشكيلاتها بشكل عام وفي الساحة الأردنية - الفلسطينية بخاصة.
بفعل عدة عوامل متداخلة ، انتشر على نطاق واسع التطلع نحو ولادة حزب ثوري ينخرط في حركة المقاومة المسلحة طارحاً حلاً تكريسها طليعة طبقية جديدة للثورة الوطنية ولحركة التحرر الوطني العربية .
منذ انطلاقة الجبهة الديمقراطية يضطلع نايف حواتمه بمسئولية الأمين العام ، أما
القيادات التي لعبت دوراً في تأسيس الجبهة وفي توطيد أركانها في بداية انطلاقتها ،
فقد وفدت من مواقع وتجارب نضالية وتنظيمية مختلفة . وقد استمرت الجبهة تعمل تحت اسم
" الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين " ولاحقاً " الجبهة الديمقراطية
الشعبية لتحرير فلسطين " ، إلى ان كان العام 1975 فحملت اسم " الجبهة الديمقراطية
لتحرير فلسطين " .
2 - البرنامج المرحلي
الهزيمة التي تكبدتها المقاومة في ايلول / سبتمبر 1970 وما تلاها من معارك قادت الى
تصفية وجودها العلني في الأردن ، أطلقت في صفوف الجبهة مراجعة نقدية صريحة وشاملة
لسياستها وسياسة المقاومة في الأردن ، غاصت في عمق الواقع المعقد للعلاقات الأردنية
- الفلسطينية ، وبخاصة واقع الانقسام الاقليمي في المجتمع الأردني وجذوره الكامنة
في الموقع الفريد الذي يحتله الأردن في خارطة المصالح الامبريالية في المنطقة
والوظيفة التي يؤديها في هذا السياق من خلال مصادرة حق الشعب الفلسطيني في تقرير
المصير وفي التعبير المستقل عن هويته الوطنية .
3 - تنظيم الجبهة الديمقراطية
البناء التنظيمي للجبهة أفقي دائري بالأساس ، قوامه وحدات قاعدية ضمن منظمات محلية
( على أساس جغرافي ، قطاعي .. ) وإرتفاعه الهرمي التراتبي يقتصر على العدد اللازم
من محطات الوصل من جهة وضرورة توحيد التوجيه لضمان وحدة العمل من جهة أخرى . أما
المبدأ التنظيمي الأساس فهو المركزية الديمقراطية التي توجه علاقة منظمات الجبهة مع
مختلف تجمعات الشعب الفلسطيني وفئاته الاجتماعية والحركة الجماهيرية عموماً . ان
الآليات التطبيقية المختبرة لهذا المبدأ التنظيمي ، تضمن بواسطة المؤتمرات الدورية
وعلاقات العمل اليومية مشاركة أعضاء ومنظمات الجبهة في رسم سياستها وإنتخاب الهيئات
القيادية والمحاسبة والرقابة المتبادلة .
الهيئة الحاكمة المؤقتة التي عيّنت في تموز/يوليو 1994 لتولى إدارة الشؤون
الفلسطينية في الأراضي المحررة من إسرائيل في قطاع غزة وأريحا. هي برئاسة ياسر
عرفات، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية. تمتلك السلطة الفلسطينية الوطنية سلطة
قضائية على كلّ المناطق المحررة، ماعدا المستوطنات الإسرائيلية والمستوطنين،
إسرائيل تحتفظ بمسؤولية الدفاع والشؤون الخارجية.
عبد العزيز الرنتيسي (واحد من زعماء حماس)
منظمة إسلامية، أسّست في آب/أغسطس 1988. جناحها المقاتل عزالدين القسام لعب دورا
رئيسيا في الإنتفاضة الفلسطينية في المناطق المحتلة. وهي المسؤولة عن الهجمات على
الجنود الإسرائيليين. الحركة عارضت في سبتمبر/أيلول 1993 إتفاقية السلام بين
إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية وأبقت حملة الهجمات ضد إسرائيل.
الجناح العسكري القسام، إدّعى مسؤوليتة عن هجوم بالقنابل في أبريل/نيسان 1994 في
إسرائيل قتل فيه 12 شخص. وقصف حافلة آخرى في أكتوبر/تشرين الأول 1994 في تل أبيب
قتل فيه 21 إسرائيلي ومواطن هولندي. و عدد آخر من العمليات الإنتحارية. في
نوفمبر/تشرين الثّاني 1994 كان هناك إصطدامات بين مؤيدي حماس والشرطة الفلسطينية في
غزة، الشرطة أصابة 16 منهم خارج مسجد فلسطين في غزة فيما يسمي بيوم الجمعة الأسود.
في 1989 زعيم حماس، الشّيخ أحمد ياسين، إعتقل من قبل الإسرائيليين وحكم علية بالسجن
مدى الحياة لأمرة بقتل فلسطينيين تعاونوا مع الجيش الإسرائيلي. أطلق سراحة في 1
أكتوبر/تشرين الأول 1997، في مبادلة مع الأردن لأثنان من عملاء المخابرات
الأسرائيلية.
ياسر عرفات، مؤسس فتح
حركة التحرير الفلسطينية فتح ، أسّست في 1958 للعمل بشكل مستقل لإستعادة الإرض
الفلسطينيية المحتلة. في 1968 تطور هدف المنظمة الى أنشاء دولة فلسطينية. كان لها
وجود قوى في الأردن من 1968 الى 1970، ثمّ في لبنان الى 1982 حيث أنتقلت الى تونس.
وهي العضو الرئيسي الأكبر في منظمة التحرير الفلسطينيّة. والحركة بزعامه ياسر
عرفات.
مروان البرغوثي..المطارد دائما
منذ اندلاع الانتفاضة في أواخر سبتمبر 2000 وصورة وصوت وكلمات هذا الفلسطيني الأسمر لا تفارق وسائل الإعلام المختلفة، متحدثا عن أهداف الانتفاضة ومطالب الفلسطينيين بالاستقلال.
ولا ينفك مروان البرغوثي أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية، والمتحدث باسم الانتفاضة الفلسطينية من ترديد أن الانتفاضة "لن تتوقف إلا بخروج جميع المستوطنين وزوال الاحتلال"؛ هذا بجانب أنه كان أحد أبرز الشخصيات الفلسطينية التي ظلت على اتصال دائم مع نشطاء السلام الإسرائيليين حتى اندلاع الانتفاضة الأخيرة.
ولأن إسرائيل ترى أن البرغوثي "مدبر" الانتفاضة، وأنه يقف خلف الهجمات المسلحة التي ينفذها أعضاء في حركة فتح وتستهدف جنودا ومستوطنين إسرائيليين في الأراضي المحتلة قامت قوات الاحتلال بإلقاء القبض عليه بعد ظهر الإثنين 15-4 –2002.
وأيد البرغوثي بعكس آخرين داخل فتح والسلطة بتوسيع نطاق العمليات داخل الخط الأخضر.. لكن اسمه بدأ يدرج في قائمة المطلوبين لأول مرة قبل 7 شهور وبالذات بعد عملية وقعت في "بير نبالا" قرب القدس، وقتل فيها آنذاك قس مسيحي، وبعد إلقاء القبض على الخلية اعترف أفرادها بأن البرغوثي كان من سلمهم السلاح وأرسلهم لتنفيذ العملية.
ياسر عرفات، رئيس السلطة الفلسطينية
ولد في 1934 وهاجر في 1948 من يافا، تدرّب في غزة من 1951. درس في القاهرة في
الخمسينات، عضو مؤسس ومساعد لعرفات في الإتحاد العامّ لطلبة فلسطين في مصر (1952).
عضو مؤسس في فتح (1958/59). ضابط أمني كبير في منظمة التحرير وعضو المجلس المركزي
للمنظمة و رئيس دائرة الإستخبارات. مؤسس منظمة أيلول الأسود. أغتل في 14 كانون
الثاني/يناير 1991 في تونس.
التمرّد أجبر بريطانيا لتقديم تنازلات أساسية لمطالب العرب في 1939. البريطانيون تركوا فكرة تأسيس فلسطين كدولة يهودية،، وحددوا هجرة اليهودية على أن تستمرّ لخمس سنوات أخرى، كان الأمر فيما بعد معتمد على الموافقة العربية. الحسيني لعدم ثقتة في بريطانيا أستنكر السياسة الجديدة.
يكنى بأبو جهاد (ولد في 10 أكتوبر/تشرين الأول 1935 في رام الله وأغتيل في 16
أبريل/نيسان 1988 في تونس)، هو زعيم فلسطيني والثاني في هيكل القيادة في منظمة
التحرير الفلسطينيّة.
أقام الوزير علاقات دبلوماسية في أغلب الأحيان بالبلدان الأخرى، وكان المخطّط
الإستراتيجي العسكري للمنظمة و أطلع بمهمات مشتريات السلاح لفتح ومنظمة التحرير
الفلسطينية. إغتيل سنة 1988 في بيته في تونس من قبل فدائيون غير معروفين، إعترفت
إسرائيل رسميا بعد ذلك بمسؤوليتها.
جورج حبش
خرج حبش من فلسطين في 1948 وحصل على درجة طبية من الجامعة الأمريكية في بيروت. في
أوائل الخمسينات كان من نشطاء حركة الشبان الثائرين، التي قامت بهجمات على الحكومات
العربية التقليدية. أسّس الجبهة الشعبية المقاتلة لتحرير فلسطين بهدف تحطيم إسرائيل
من خلال تحقيق الوحدة العربية بعد الهزيمة الغير واقعية للعرب من قبل إسرائيل في
حرب الأيام الستّة 1967. بزعامة حبش، نظّمت الجبهة عدّة عمليات خطب طائرات، بضمن
ذلك طائرة أمريكية فجرت في سبتمبر/أيلول 1970.
كان هدف لعدّة محاولات إغتيال، واحدة منها سببت لة شلل جزئي.
حنان عشراوي
الدبلوماسية الفلسطينية والمفاوضة حنان عشراوي من مواليد 1946، أستاذة جامعية وأمّ
لبنتين، إختيرت في 1991 لتمثيل منظمة التحرير الفلسطينية في محادثات سلام الشرق
الأوسط في مدريد في أكتوبر/تشرين الأول. إتقانها الانجليزية ومهارات التفاوض وفق
النمط الغربي حقق لها إعجاب خصومها الإسرائيليين في المحادثات الذي أشتركوا بها.
عشراوي أنضمت لفتح وقد أختيرت كعضو في مفاوضات الشرق الأوسط. حضرت محادثات السلام خلال الجلسة الإفتتاحية في مدريد حتى الخاتمة الناجحة في ديسمبر/كانون الأول 1993، عندما إستقالت لترأّس البعثة الفلسطينية لمنظمة التحرير في واشنطن. عند بدأ الإنسحابات الإسرائيلية، عادت إلى مسؤولياتها في جامعة بير زيت، حيث ترأّست اللجنة المستقلة الفلسطينية للدفاع عن الحقّوق المدنية. في يناير/كانون الثّاني 1996 إختيرت لمقعد في المجلس الفلسطيني تمثّل القدس الشرقية.
حيدر عبدالشافي
ولد في غزة، طبيب، تعلم مبكّرا في غزة والقدس. خريج من الجامعة الأمريكية في بيروت
شارك في تأسّيس منظمة التحرير الفلسطينية. أبعد إلى لبنان في 1970 لنشاطاتة مع
منظمة التحرير الفلسطينية. رئيس الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة منذ 1972. رئيس
الوفد الفلسطيني إلى مؤتمر مدريد في 1990. قاد فريق المفاوضات الفلسطيني لـ22 شهر
في محادثات واشنطن.
صائب عريقات
ولد في القدس. خريج من جامعة سان فرانسيسكو الرسمية في 1979. حاصل على الدراسات
العليا من جامعة برادفورد - إنجلترا في 1983. محاضر في علم السياسة في جامعة
النجاح. عضو فريق التفاوض الفلسطيني إلى مؤتمر السلام. وزير الشؤون الحكومية
والبلدية في سلطة الحكم الذاتي.
عبد القادر الحسيني
ولد في 1907 في القدس، أبن موسى قاسم (باشا) الحسيني، خريج في الكيمياء من الجامعة
الأمريكية في القاهرة، نظّم جمعية في أوائل الثلاثينات لمحاربة التمييز ضدّ العرب
الفلسطينيون في الخدمات العامة. مؤسس (1931) وزعيم منظمة الجهاد المقدس. زعيم
فلسطيني للمقاومة خلال الثورة العربية من 1936 الى 1939. فدائي وقائد لمنطقة القدس.
نفى في 1938 وعاد بشكل سري إلى القدس في 1948. كان قائدا لقوة الجهاد المقدس خلال
حرب 1948، قتل في هجوم مضاد في القسطل، غرب القدس، في 8 نيسان/أبريل 1948.
فيصل الحسيني
ولد في 1940 في بغداد، درس في القاهرة، بغداد، دمشق، عضو مؤسس للإتحاد العامّ
للطلبة فلسطين في 1959. أنضم لمنظمة التحرير الفلسطينيةّ. من 1964 الى 1965 تلقى
تدريبا عسكريا في أكاديمية الضباط السورية وإلتحق بجيش التحرير الفلسطيني في 1967.
. عضو المجلس الأعلى الإسلامي في القدس منذ 1982. الناطق بأسم مجلس القدس الوطني في فلسطين. عضو الوفد الفلسطيني إلى مؤتمر السلام في الشرق الأوسط. مسؤول ملف القدس في منظمة التحرير الفلسطينية.
(1907-1980)
ولد في 1907. درس في مدرسة الحقوق في القدس والجامعة الأمريكية في بيروت. زعيم
للمعارضة في الثلاثينات في شمال فلسطين. عضو حزب الأستقلال. رئيس مكتب الدعاية
الفلسطينية في الولايات المتحدة الأمريكية في 1945 (بعد ذلك في القدس)، عضو المجلس
الأعلى الفلسطيني في 1946، عضو الوفد السوري إلى الأمم المتّحدة في 1949. أمين عام
مساعد لجامعة الدول العربية مسؤول عن القضية الفلسطينية من عام 1951 الى 1957 .
كتب المسوّدة الأولى من الميثاق الوطني الفلسطيني التي أصبح النظام الأساسي لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية. أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية (1964-67). شكّل جيش التحرير الفلسطيني. مات في 1980 في عمّان. نشر مذكراتة تحت عنوان أربعون سنة من الحياة العربية والدولية (بيروت 1969).
الشّيخ أحمد ياسين
الزعيم الديني الفلسطيني، عضو في جماعة الأخوان المسلمين وواعظ أسلامي، ولد في 1937
في عسقلان. لاجىء في غزة منذ 1948. عمل كمعلّم وواعظ وعامل مجتمع. شلّ بالكامل بعد
حادث في شابه. مؤسس المركز الإسلامي في غزة في 1973 الذي سيطر على كلّ المؤسسات
الدينية. المؤسس والقائد الروحي والشخصية الرئيسية لحركة المقاومة الأسلامية حماس
القسَّام.. بلاغة الشهداء
حين ترجّل الشيخ عز الدين القسَّام عن أكف مشيعيه وأعناقهم، ووسِّد لحده ألقى خطبته الأخيرة؛ فدوَّت كلماته الصامتة في سمع الزمان ولا زالت، فالرجل الذي تنقل بين مصر وسوريا وفلسطين خطيبًا مفوهًا وعالمًا شرعيًا ينشر الهدى والتعاليم السمحة، غدا مفجر أول ثورة فلسطينية مسلحة ضد الانتداب البريطاني والحركة الصهيونية
باستشهاده غدا الشيخ عز الدين القسَّام مَعْلمًا بارزًا من معالم المقاومة
الفلسطينية وواضع أسس المقاومة المسلحة، وكان الشيخ وهو من مواليد بلدة جبلة جنوب
مدينة اللاذيقية السورية عام 1882م قد وصل فلسطين في عام 1921م عقب فشل ثورة جبال
العلويين (1919- 1920م) السورية ضد الاحتلال الفرنسي، والتي أبلى فيها الشيخ
القسَّام بلاءً حسنًا دفع الفرنسيين لمحاولة مهادنته من خلال شرائه، فعرضوا عليه
القضاء لشراء ولائه، غير أنه رفض، فأصدر الديوان العرفي عليه حكمًا غيابيًا
بالإعدام.
وجدت تجربة القسَّام الثورية في جبال العلويين تعبيرًا عمليًا لها في فلسطين، فقد
آمن الرجل أن لا سبيل للتحرر إلا السلاح، ولا حل للقضية الفلسطينية إلا عن طريق
الجهاد، أما الأحزاب السياسية -وكانت في معظمها أحزاب عائلات وزعامات إقطاعية- فهي
ضرب من العبث والألاعيب ما لم تكن قائمة على الإيمان الصحيح، أما نظرته للمركز
والجاه فكانت كما يروي رفاقه نظرة بغضاء مطلقة، وصفه أحد أصدقائه بعد استشهاده
فقال: "هذا الرجل كانت عنده النعمْ نعمْ، والـ لا لديه لا".
توالي الهجمات وفي منطقة جغرافية محددة أدى إلى تشديد الرقابة على القسَّام
ورجاله، خاصة بعد اعتقال بعضهم، ولتجنب حملة اعتقالات تطاله وأركان المنظمة الناشئة
قرر القسَّام ونحو عشرة من رفاقه مغادرة حيفا نحو أحراش يعبد قرب مدينة جنين،
ويعتقد أن القسَّام أراد استكمال مرحلة الدعوة إلى الثورة من مكمنه، غير أن خللاً
وقع فيه حارس المجموعة كما تروي بعض المصادر أفضى إلى مصرع جندي بريطاني، ولفت
أنظار قوات الاحتلال التي حاصرت الموقع؛ حيث دارت معركة رفع خلالها القسَّام شعاره
الشهير "موتوا شهداء"، وانتهت باستشهاده واستشهاد الشيخ يوسف عبد الله الذيباوي،
وهو من أهالي قرية الذيب قضاء عكا، وسعيد عطية أحمد وهو مصري، ومحمد أبو قاسم خلف،
فيما اعتقل الشيخ حسن الباير، والشيخ أحمد جابر، وعربي البدوي، والشيخ محمد يوسف،
وجرح الشيخ نمر السعدي، واعتقل.
أبو إياد.. فلسطيني بلا هوية
حسام الحوراني
كان خروج صلاح خَلَف من يافا في 13 أيار/ مايو 1948م قبيل إعلان دولة إسرائيل بأربع وعشرين ساعة مع عائلته تحت وابل من القذائف التي أطلقتها المدفعية اليهودية، حادثًا سيظل محفوراً في ذاكرته إلى الأبد، ذاكرة ذلك الصبي الذي لم يتجاوز عمره حينذاك الخامسة عشر، ذاكرة غصَّت بصور مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين سلكوا طريق المنفى.
حصل بعدها على دبلوم تربية وعلم نفس من جامعة عين شمس.
وجوده في القاهرة كان نقطة انطلاق لعملية النضال، حيث تعرف على ياسر عرفات الطالب في كلية الهندسة آنذاك، وبدأ ينمو توجه بين عدد من الطلبة – كان هو من بينهم - يدعو إلى ضرورة اعتماد الفلسطينيين على أنفسهم بعد أن فقدوا الثقة بالأنظمة العربية، فقرروا عام 1952م مباشرة هذه الفكرة بتقديم ترشيحهم إلى قيادة اتحاد الطلاب الفلسطينيين، وكان التشكيل الوحيد الذي يمثل قطاعًا ما من الرأي العام الفلسطيني، ونجحت لائحة "أنصار الاتحاد الطلابي".
وبدأ اسم أبو إياد يبرز عضوًا للجنة المركزية لفتح، ثم مفوّض جهاز الأمن في فتح، ثم تولّى قيادة الأجهزة الخاصة التابعة للمنظمة. ومنذ عام 1970م تعرَّض لأكثر من عملية اغتيال سواء من الإسرائيليين أم بعض الحركات الفلسطينية المُمَوَّلة من الأنظمة العربية.
كان صلاح خلف من القلة التي عرفت بعض الخفايا التي سبقت حرب أكتوبر 1973م ورافقتها وأعقبتها، حيث أسرَّ السادات له ولعدد من المقاومة الفلسطينية بذلك، طالبًا منهم أكبر عدد ممكن من الفدائيين للاشتراك معه في المعركة، وحضر أبو إياد إدارة غرفة عمليات المعركة مع السادات، وبعد هذه المعركة تبنَّى صلاح خلف مشروع إقامة الدولة على جزء من فلسطين!!، وصولاً إلى إقامة دولة ديموقراطية على كامل فلسطين تضم الفلسطينيين والمسيحيين واليهود!!، وعلى إثر هذا المشروع برزت جبهة الرفض الفلسطينية التي رفضت هذا المشروع.
فيصل الحسيني.. القدس صبره وقبره!!
ينتمي لعائلة الحسيني، أشهر وأعرق العائلات الفلسطينية، والتي ضربت أروع الأمثلة في النضال الوطني والدفاع عن القدس. فجده موسى كاظم الحسيني، الذي عينه الإنجليز رئيسًا لبلدية القدس، واشترطوا عليه ألا يشتغل بالسياسة. إلا أن السياسة عنده كانت مرادفًا للوطنية، فاستقال من منصبه، ورأس "المؤتمر العربي الفلسطيني" أول تنظيم فلسطيني للمقاومة بعد وعد بلفور، وقاد مظاهرات كبرى ضد الإنجليز في القدس، وأصيب بجروح في إحدى المظاهرات سنة 1933، وهو في الثمانين من عمره ما لبث أن توفي بعدها. أما والده عبد القادر؛ فحمل لواء الجهاد ضد الإنجليز واليهود، وكان قائدا لجيش الجهاد المقدس؛ حتى استشهد في معركة القسطل 8/4/1948. أما عمه فهو أمين الحسيني مفتي القدس، الذي حمل لواء القضية الفلسطينية لسنوات عديدة داخل وخارج فلسطين حتى وفاته 1974م.
أجرى مباحثات مبكرة مع بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية لوضع أسس التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولأول مرة تخرج من مكتبه وثيقة استقلال فلسطين سنة 1988. كما رأس الوفد الفلسطيني الذي اجتمع مع وزير الخارجية الأمريكي "جيمس بيكر"، وهو الاجتماع الذي مهد لبدء محادثات السلام في مدريد في أكتوبر 1991م. وعندما قام فيصل بتشكيل وفد فلسطيني من الضفة الغربية للذهاب إلى مدريد، فاجأه "ياسر عرفات" بتعيين الدكتور "حيدر عبد الشافي" رئيسًا لوفد التفاوض الفلسطيني.
استولى حب القدس على قلبه وعقله، فوهب حياته لها، وعشق فيها المكان والتاريخ والمقدس، فكان لا يصبر على فراقها، ويشعر بالحنين إذا غادرها. فبالرغم من أنه يمتلك منزلاً أنيقًا في "عين سينيا" القريبة من القدس، فإنه فضل أن يعيش في بيت مستأجر بالمدينة القديمة، وكأنه يرى أن الوجود في القدس هو الصمود في وجه المحتل؛ لذلك كان يقول: لم أعد أشعر باستقرار إلا في القدس.
ودافع عن القدس وعروبتها. وأكد مرارا أن القدس الغربية عربية. وطالب بتوحيد المدينة بشطريها الشرقي والغربي، وفتحها أمام المجتمع. واعتبر الاستيطان اليهودي في المدينة إعلانًا للحرب على الشعب الفلسطيني.
الكويت والوفاة
مات فيصل الحسيني في الكويت في 31 مايو 2001؛ حيث كان يقوم بأول محاولة من نوعها لإنهاء الخصومة بين الكويت والسلطة الفلسطينية، وهي الخصومة القائمة منذ عام 1990، إلا أنه أصيب بأزمة قلبية ووافته المنية. وذكر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات أن الحسيني كان مصابا بمرض الربو، وأنه تعرض- من أيام قبل سفره للكويت- للغازات التي يطلقها الجيش الإسرائيلي في القدس، وأنه توفي بسببها.
وحُمل جثمانه إلى القدس، وشيعه إلى مثواه الأخير 20 ألفًا من أبناء القدس في جنازة مهيبة؛ حيث دُفن في باحة الحرم القدسي الشريف بجوار أبيه وجده. وهذه هي المرة الأولى التي يُدفن فيها فلسطيني في هذا المكان منذ احتلال إسرائيل للقدس عام 1967.
عبد القادر الحسيني.. جهاد حتى الموت
ولد عبد القادر – على الأرجح - بالقدس في صيف عام 1908م، تلقى العلم في إحدى زوايا القدس، ثم انتقل إلى المدرسة العصرية الوحيدة وهي مدرسة "صهيون" الإنجليزية، وقد أشرفت على تربيته جدته لأمه "نزهة بنت علي النقيب الحسيني"؛ وذلك لوفاة أمه بعد ميلاده بعام ونصف، وقد كان له أربعة من الإخوة (فؤاد مزارعًا - رفيق مهندسًا- سامي مدرسًا- فريد محاميًا) وثلاثة من الأخوات.
جهاد عبد القادر الحسيني:
- يبدأ جهاد عبد القادر منذ عام 1935م؛ إذ آمن بأن الجهاد المسلح هو الطريق الوحيد للوصول إلى الحرية، وقد تأكد له ذلك المعنى بعد استشهاد الشيخ: "عزُّ الدين القسَّام"، فبدأ في تنظيم وحدات من الشباب، وتدريبهم على السلاح.
- بدأ عبد القادر بنفسه، فقام بإلقاء قنبلة في عام 1936م على منزل سكرتير عام حكومة فلسطين، والثانية على المندوب السامي البريطاني، ثم اغتيال الميجور "سيكرست" مدير بوليس القدس ومساعده.
- بدأت أعمال الوحدات الفلسطينية في عام 1936م، فهاجموا القطارات الإنجليزية وقطعوا خطوط الهاتف والبرق.
- عند انتهاء التدريب المناسب، بدأ يعلن عبد القادر الجهاد على الإنجليز، وبدأت المواجهات الحقيقية مع القوات الإنجليزية، وقد بلغت ذروتها في عام 1939م في موقعة الخضر، وقد أصيب فيها عبد القادر إصابة بالغة وعولج، ولجأ بعدها لفترة إلى العراق.
- قامت ثورة العراق عام 1941م، وخاض عبد القادر المعارك إلى جانب العراقيين ضد الإنجليز، واستطاع ببسالته وقف تقدم القوات البريطانية مدة عشرة أيام رغم فارق العدد والعدة، وبعد ذلك اختبأ في بيته، ولكنه قبض عليه ومعه زملاؤه، واستمر في الحبس مدة ثلاث سنوات.
لجأ عبد القادر إلى السعودية، وعاش في ضيافة الملك عبد العزيز منذ عام 1944م، ولمدة عامان.
- وصل عبد القادر إلى مصر في 1/1/1946م؛ وذلك للعرض على الأطباء بعد أن آلمته جروحه من معاركه الكثيرة.
- في مصر وضع خطة إعداد المقاومة الفلسطينية ضد الدولة الإسرائيلية المرتقبة، ووضع خطة لتنظيم عمليات تدريب وتسليح وإمداد المقاومة الفلسطينية، وأنشأ لهذا الغرض معسكرًا سريًّا (بالتعاون مع قوى وطنية مصرية وليبية) على الحدود المصرية الليبية لإعداد المقاتلين.
- قام بتدريب عناصر مصرية على القيام بأعمال قتالية (وهي العناصر التي شاركت في حملة المتطوعين في حرب فلسطين، وفي حرب القناة ضد بريطانيا بعد ذلك).
- قام بالتنسيق مع قائد الهيئة العربية العليا ومفتي فلسطين الحاج: "أمين الحسيني" لتمويل خطته وتسهيل الحركة على جميع جبهات فلسطين، وتنسيق العمل مع المشايخ والزعماء داخل فلسطين.
- قام بإنشاء معمل لإعداد المتفجرات، ودرَّب مجموعات فلسطينية معه.
- أقام محطة إذاعة لتتولى إذاعة البيانات الصادرة عن المقاومة الفلسطينية وحث المجاهدين، وذلك في منطقة رام الله.
- أقام محطة لاسلكية في مقر القيادة المختار بمنطقة بيرزيت، وعمل شفرة اتصال حتى لا يتعرف الأعداء على مضمون المراسلات.
- تنظيم فريق مخابرات لجمع المعلومات عن العدو.
- تنظيم فرق ثأر لردع عمليات القتل اليهودية.
- تنظيم الدعاية في الوطن العربي.
- دخول فلسطين بعد قرار التقسيم وقيادة قطاع القدس ووقف زحف القوى اليهودية.
- قاد عبد القادر الهجوم على المستوطنات اليهودية المحيطة بالقدس، وخاض معارك، مثل: الهجوم على حي "سانهدريا" مقر قيادة عسكرية لليهود.
- الهجوم على "ميقور حاييم"، وكان مركزًا للهجوم على الأحياء العربية، وقد قضى عليهم فيه.
- معركة "صوريف" في 16/1/1948م، وفيها قضى على قوة يهودية من 50 يهوديًّا مزودين بأسلحة ثقيلة، 12 مدفع برن بالإضافة إلى الذخيرة والبنادق.
- معركة بيت سوريك.
- معركة رام الله – اللطرون.
- معركة النبي صموئيل.
- الهجوم على مستعمرة النيفي يعقوب.
- معركة بيت لحم الكبرى.
وقد كانت نهاية الجهاد الكبير معركة القسطل، وقد كان اليهود استطاعوا احتلالها، وهي في موقع تمكنهم من التقدم إلى القدس؛ فسارع عبد القادر إلى دمشق حيث القيادة العربية لمنطقة القدس، وطالب بالسلاح والرجال، فرفضوا، فأراد السلاح فقط، فرفضوا، فأراد الذخيرة فقط فرفضوا، فأعلنها "أنتم خونة"، ولم يرجع إلا ببضع بنادق وثمانمائة جنيه فلسطيني، هي كل ما استطاع الحاج أمين الحسيني بشخصه تدبيره له.
وجمع القائد عبد القادر رجاله وسلاحه وهاجم القسطل عند الفجر، وقاتل فيها من بيت إلى بيت، ومن غرفة إلى غرفة، حتى استطاع رفع العلم الفلسطيني عليها قبل غروب شمس يوم 8 من إبريل 1948، ولكنه أصيب عدة إصابات برصاص العدو استشهد على إثرها، وهكذا ارتفعت روح القائد إلى ربها تشكو خيانة الزعماء وضعف الأوفياء.